في الصميم
                       تحليلات ومتابعات
        الغاء بغداد لصفقة السلاح مع روسيا يوجه الانظار نحو نفط كردستان
                                                               صلاح النصراوي
يبدو قرار حكومة نوري المالكي بالغاء صفقة شراء الاسلحة مع روسيا للوهلة الاولى وكأنه يرتبط بالاشتباه بقضية فساد كما نقلت وكالات الانباء عن المتحدث باسم الحكومة علي الموسوي وفي ضوء تقارير اشارت الى اعتراضات قدمتها لجنة النزاهة البرلمانية ضد العقد مع موسكو.
غير ان المتابعة الدقيقة والاعمق للوقائع المتعلقة بالعقد الذي تبلغ قيمته اكثر من 4 بليون دولار والذي اشرف على توقيعه المالكي بنفسه اثناء زيارته لموسكو الشهر الماضي تشير الى سبب مباشر اخر اضافة الى اتهامات الفساد التي شابت العقد والموجهة الى جهات روسية وعراقية عديدة ومافيات تجارة السلاح الدولية.
من الضروري اولاً الاشارة الى ان تصريح الموسوي اكد على ان العراق الغى العرض لكنه يعتزم اعادة التفاوض من اجل التوصل الى عقود جديدة مع روسيا في ضوء ما سماه بحاجة العراق القائمة للسلاحأ اي انه بغداد تبقي الباب مواربا بانتظار انجلاء الموقف.
ما يتعلق بالفساد والعمولات التي شابت الصفقة تناولته اطراف ووسائل اعلام عراقية اشارت الى تورط جهات داخل مكتب المالكي ووزارة الدفاع العراقية ومسؤولين في مصرف التجارة العراقي ووسطاء من تجار السلاح بعضهم معروفين جيدا في المنطقة.
على الجانب الروسي ايضا يبدو كما اشارت تقارير صحفية ودبلوماسية في موسكو الى وجود رابط بين القرار العراقي وقرار الرئيس فلادمير بوتين باقالة وزير الدفاع اناتولي سيرديوكوف بعد اسبوعين من بدء التحقيق الجنائي في قضايا فساد داخل المؤسسات الصناعية الحربية الروسية.
المطلعون والعارفون باوضاع العراق وروسيا يدركون ان لا جديد في قضايا الفساد في البلدين وان باستطاعة الطرفين تجاوز الموضوع لو كان مجرد رشاوي وعمولات وسمسرة وان القصة الحقيقة وراء التطور الجديد تتعلق بموضوع اكثر اهمية يرتبط بتطورات سياسة وجيبوليتكية تتفاعل في الشرق الاوسط وتضع روسيا في خضم الصراع مع الولايات المتحدة على المنطقة.
لذلك فمن الضروري ان يتم النظر بشكل اساسي الى الاوضاع في كل من سوريا، ايران، الخليج، تركيا، كردستان العراق مع تركيز على ملف الاستثمارات البترولية في العراق وبالذات في المنطقة الكردية التي يجري بشأنها صراع شرس اطرافه الحكومة المركزية في بغداد وحكومة اقليم كردستان.
صفقة السلاح مع روسيا كشفت للطرفين بانها انطوت على استعجال وعدم دراسة متأنية لشبكة المشكلات المعقدة في المنطقة كما انها فتحت الباب امام صفقات اكبر بين القوى الاقليمة والدولية وهي سبب مباشر لتعطيلها حاليا.
فاذا كانت الصفقة، حين تتم، ستفتح الابواب امام نوع من التحالف الروسي الايراني السوري والحكومة التي يقودها الشيعة في بغداد، كما سارت التحليلات، فان من المتوقع ان يلقى ذلك نوع من رد الفعل المقاوم من تحالف اخر في المنطقة يضم اطراف اقليمية على رأسها تركيا ودول الخليج تجتمع ايضا مع الولايات المتحدة الامريكية في الموقف ازاء ايران وسوريا وبالنتيجة روسيا.
هناك تفاصيل عديدة تتعلق بكيفية تأثير شراء الاسلحة الروسية على هذا الاستقطاب جميعها تضع العراق في بؤرة الصراع الذي يمكن ان ينشب بين جميع هذه الاطراف، فيما اذا تمت الصفقة فعليا، يبدو ان حكومة المالكي كانت جاهلة بها بقدر جهلها باستراتيجيات الدول الكبرى وبمكيانزمات صفقات الاسلحة.
ما يبنغي النظر اليه كذلك هو العقود النفطية التي وقعتها شركة غاز بروم للطاقة الروسية مع حكومة اقليم كردستان والتي لا يبدو ان روسيا اصبحت تكترث كثيرا بالتهديدات العراقية بالغائها اسوة بما تفعله الشركات الامريكية والاوربية التي وقعت عقود مماثلة.
من المهم ايضا النظر كذلك بالتقارير التي تشير الى علاقة وزير الدفاع الروسي المقال سيرديوكوف بشركة غازبروم حيث انه متزوج من ابنة فكتور زبكووف احد اخلص الاعوان لبوتين ورئيس شركة غازبروم.
ما تكشف عنه الصفقة والغاؤها هو دور البترول في كردستان ودور الاقليم الكردي العراقي ذاته الذي رفض بشدة صفقة الاسلحة الروسية والذي يصبح شيئا فشيئا في قلب الصراعات في المنطقة وهو المكان الذي يجب ان تتوجه اليه الانظار مستقبلا.
—-

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *