في الصميم …                 تحليلات ومتابعات



                                                   صلاح النصراوي

     في السعودية .. الامير محمد وزيرا للداخلية .. لا ازمة في الحكم.. الى حين

                   
ليس غريبا ان تختفي المتابعات التحليلية في الاعلام المملوك سعوديا بشأن الكثير من الاحداث البارزة في المملكة اذ ان تلك ليست من وظائف هذا الاعلام الذي يهتم عادة بقضايا الاخرين اكثر من اهتمامه بصميم قضاياه المحلية.
ويأتي تعين الامير محمد بن نايف في منصب وزير الداخلية مؤخرا وبعد اشهر من وفاة والده الامير نايف الذي تولى المنصب ذاته لاكثر من ثلاثة عقود من الزمن ليثير التساؤلات عن مغزى هذا القرار الذي اتخذه الملك عبد الله بن عبد العزيز في ظل صمت تام من الاعلام السعودي الذي اكتفى كعادته بالتهليل للقادم الجديد دون محاولة تفسيره وتحليل الخطوة والقاء الضوء على تبعاتها المحتملة.
وعلى عكس ما يثار من ان تعين الامير محمد يعكس ازمة في نظام الحكم السعودي فان الامر يبدو طبيعيا ومتسقا مع طبيعة الامور ومجريات الاحداث منذ وصول الملك عبد الله الى دست الحكم عام 2005 وسلسة التغيرات التي تبعته وخاصة تولي ثم غياب وليين للعهد من ابرز امراء الاسرة الحاكمة خلال فترة قصيرة من الزمن وفي حياته.
 كان تعيين الامير احمد بن عبد العزيز منذ البداية بعد وفاة الامير نايف مؤقتا وانتقاليا لاعتبارات تتعلق بالاحتفاظ بتقاليد العائلة والسن والاقدمية ولكنه لم يكن معبرا عن توازنات القوى ضمن الاسرة والاجهزة التي تتحكم بها اجنحتها الرئيسية، وخاصة الجناح السديري وجناح الملك عبد الله واولاده.
وهكذا يتضح:
1-      ان تعيين الامير احمد الذي كان نائبا للامير نايف كان لمدة محددة بهدف تكريمه انتظارا لانتهاء موسم الحج حيث يقوم الوزير وفق تقاليد وضعها الامير نايف باستعراض سنوي كبير لقوات الامن في مكة المكرمة.
2-      ان الامير محمد بن نايف هو من يمسك فعليا بامور وزارة الداخلية والقوات الامنية التي تعتبر ثالث قوة مسلحة منظمة في السعودية بعد الجيش والحرس الوطني اضافة الى قيادته القوات الامنية في المواجهات مع كل معارضي النظام في حين ان الامير احمد كان يتولى موقعا شرفيا في ظل الامير نايف.
3-      ان الامير محمد هو الوريث الفعلي للامير نايف في تقاسم حصص المناصب الرئيسية في المملكة والتي اضحت سياسة امر واقع تعكس موازين قوى حقيقية بين اجنحة الاسرة الحاكمة.
4-      ان القرار يعكس ضرورات الانتقال الى مرحلة الجيل الثالث من شباب الاسرة الحاكمة ولكن ضمن توزنات القوى المذكورة.هذا الانتقال اصبح استحقاقا ملزما مع تولي الامير سلمان مقاليد ولاية العهد وامكانية غياب الملك عبد الله، وبهدف تجنب صراعات مهلكة قد تفجرها مرحلة ما بعد عبد الله.
5-      ان القرار يعكس حاجة الاسرة للحفاظ على قوتها وتضامنها الداخلي في ظل التحديات الخطيرة التي تواجها السعودية داخليا واقليميا وتضعع دورها السياسي والدبلوماسي غداة ثورات الربيع العربي.
6-      ان تعيين الامير محمد بن نايف يبدو متسقا مع التوازنات الحالية داخل الاسرة حيث ضمن الملك وجود ابنه الامير متعب بن عبد عبد الله في منصب قيادة الحرس الوطني في حين اصبح الطريق سالكا الان للامير خالد بن سلطان لكي يصبح وزيرا للدفاع،  بينما اخذ اخوه بندر جزءاً مهما من نصيب جناح الامير سلطان في منصب مدير الاستخبارات.ويبقى موضوع تعين وزير خارجية جديد في ظل الظروف الصحية التي يمر بها الامير سعود الفيصل مدار تكهنات حول وضع جناح الملك فيصل خاصة في وجود الامير عبد العزيز بن عبد الله نائبا له في وزارة الخارجية.
وهكذا تكون الاجنحة الرئيسية قد ضمنت مكانة اولادها الشباب من الجيل الثالث في المواقع الاساسية في الحكم وفي امكانية جلوس احدها على العرش مستقبلا… ولكن الى حين.. اذ ان من الطبيعي ان الابواب ستبقى مشرعة امام رياح الصراعات والمنافسات والتغير خاصة في ظل معارضة واضحة او مستترة من باقي الاجنحة الاضعف في الاسرة السعودية الحاكمة.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *